رواية الزوج العاشق
الفصل التاسع عشر 19
بقلم سوزان محمد عبد الغني
تقرأ سنام مذكرات نسرين وتعرف أن جاسم هو نفسه جابر وإنها نفس الفتاة الغنية التي تتحدث عنها نسرين فتقول لنفسها
غير معقول أنا تلك الفتاة المدللة التي سرقت من نسرين زوجها
أنا أكاد أجن كيف يعاملني جاسم بهذا الحب وفي نفس الوقت لا يحبني فقد كان يقول ذلك لنسرين
طوال الوقت
سأكمل القصة لأري ماذا يحدث بالضبط؟
واعرف ماذا يريد جاسم أن أبقى معه مدام يحب واحدة غيري
وقبل أن تكمل
تسمع طرقات على الباب
ويدخل جاسم الغرفة قائلاً
أهلاً حبيبتي
تضع سنام الدفتر تحت الوسادة بسرعة
جاسم
لقد أحضرت لك كل الأطعمة التي تحبينها
سأضعها هنا لتكون بالقرب منك
ثم يضع الأكياس البلاستيكية بالقرب من سرير سنام على الطاولة التي بجوارها قائلاً
كيف حالك الآن حياتي ؟
سنام
أنا بخير
ولكن أرجو أن أخرج من هنا بسرعة فبقائي طوال الوقت ويدي مقيدة بالسرير شئ مؤلم
حتى أنهم ركّبوا لي قسطرة بالرغم أنني لا أحتاجها حتى لا أطلب منهم الذهاب للحمام
جاسم
نحن نبقيك هنا حتى لا تدخلي الحجز فهناك لن تجدي سريرا مريحاً مثل هذا
فقد حجزت لك في القسم الاقتصادي بالمشفى حتى تكوني مرتاحة
فالمكان هنا نظيف ومكيف
بينما مكان الاحتجا..ز
ملئ بالحشرات مثل البراغيث والبعوض التى تملئ المكان
والمساجين هناك يشتكون من الزواحف مثل الثعا..بين أو الجرزان التي قد تظهر في الغرفة فجأة
و طبعا لا توجد أجهزة تبريد هناك ولن تتحملي حرارة الجو العالية في غرفة الاحتجاز
أما هنا فيوجد مروحة ومكيف في الغرفة
وحتى دخول الحمام بموعد هناك في الحجز
بالإضافة فإن الطعام ردئ جداً ولن تستطيعي أكله ولا يسمحون دائما بدخول الطعام للمتهم
أما هنا فأنا أحضر لك طعاماً جيدا كل يوم
سنام
ومع كل هذه المميزات التي هنا فالقيد يجعلني أكاد أختنق
جاسم
حياتي اصبري قليلاً فالمحامي يعمل كل جهده لاخراجك ولو بكفالة حتى نستطيع أن نثبت برأتك
سنام
حسنا سأصبر وأتمنى أن تحل القضية بسرعة
حتى أخرج من هنا فلم أعد أحتمل
يقضي جاسم مع سنام وقتاً يتحدثان ويأكلان سويا حيث يطعمها جاسم بيديه حتى تأتي الممرضة وتخبره بانتهاء موعد الزيارة كالعادة
فيقبلها في جبينها وينصرف
بينما تخرج سنام الدفتر
ثم تقرأ
كان اليوم الذي أعلن فيه والد سنام من زواجها بزوجي جابر أو جاسم كما سمى نفسه
هو أصعب شيء على نفسي يومها أخذت إذنا من مديري المباشر لأني مريضة فأذن لي لأن جاسم أوصاه علي بصفتي قريبته لذا سمح لي بالذهاب دون أن يناقشني
ثم قلت لسمر أنني سأسبقها للمنزل
حاولت هي الأخرى أن تأخذ إذنا لتصطحبني للبيت فقد كانت تعرف ماأعانيه لأنها سمعت مثلي كل شئ
ولكن رئيس الطهاره رفض ذهابها لأن ضغط العمل كبير بسبب الحفل
وأخذت سيارة أجرة
وعدت لبيت سمر ككل يوم حتى أنام عندهم
ودخلت المنزل ودموعي على خدي وعندما رأيت الجدة تجلس في صالة البيت تشاهد التلفاز مع آلاء مسحت دموعي بسرعة واتجهت نحو غرفتي
ولكنها لاحظت أنني لست بخير
فنادت علي لتتكلم معي ولكني تهربت منها بحجة أن عندي صداع شديد وأنني أستأذنت من المدير وجئت قبل سمر لأني أريد النوم
ودخلت غرفتي التي أنام فيها أنا وسمر وأغلقت الباب وأخذت أبكي بحرقة وأنا أضع الوسادة على فمي حتى لا تسمعني الجدة
في هذه اللحظة بالذات عرفت معنى اليتم الحقيقي
وعرفت كيف يستغلك من حولك حين تكون وحيدا حتى من ظننت أنهم كل شيء بالنسبة لك
وعرفت أن أمثالي سيظلمون ولن يجدوا من يدافع عنهم
لأنه ليس لهم أحد أساساً
تنزل دمعتين من سنام على الدفتر
وهي تقول
غريبة هذه الدنيا
أنا أشفق الآن على حبيبة زوجي وأتهم نفسي
لأنني كنت سبب ألمها
ولكن يبدو أنك لست وحدك من تشعرين بالوحدة نسرين فأنا أشعر بالوحدة أيضاً
لأنني لا أملك أسرة تخاف علي فعائلتي الوحيدة كانت أبي وقد توفى قبل الحادث بشهور كما أخبرني جاسم
و لا أتذكر شيئا من الماضي حتى استأنس به وهذا يجعلني في وحدة أصعب من وحدتك حبيبة زوجي فلا حبيب ولا أهل ولا أصدقاء ولا ذكريات
ثم تسمع صوتا أمام الباب فتضع الدفتر تحت الوسادة بسرعة وتمسح عيونها
بينما يفتح الباب ويدخل أنجاد
أهلاً سنام كيف حالك ؟
سنام
بخير تفضل
ولكن كيف ادخلوك وقد أنتهى موعد الزيارة لقد أخرجوا جاسم منذ قليل ولم يستطع أن يظل
أنجاد
لقد جئت بصفتي طبيب وليس زائراً
يجلس أنجاد على أريكة في الغرفة
ثم ينظر لسنام قائلاً
يبدو أنك لست بخير فعينيك حمراء هل كنت تبكين
سنام
لا أبداً
لقد نمت قليلاً واستيقظت للتو لذي عيوني حمراء
أنجاد
لا تحاولي الكذب علي فأنا طبيب نفسي ولست طفلاً
قولي مابك
سنام
قبل أن أتكلم أريد أن أعرف من أكون
أنت طبيبي النفسي وتعرف عني أشياء لا أعرفها عن نفسي بسبب فقداني لذاكرتي
فلو سمحت حدثني عن بعض المعلومات عن حياتي السابقة ربما أستريح قليلاً
أنجاد
ماذا تودين أن تعرفي؟
سنام
هل كنت أعرف بوجود نسرين في حياة زوجي جاسم ؟
أنجاد
ومن أخبرك بأمر نسرين ؟
سنام
لا تجب عن سؤالي بسؤال آخر
وهيا أخبرني ماتعرفه
أنجاد
نعم كنت تعرفين
فقد أخبرتني بذلك أثناء إحدي الجلسات
ولكني لم أخبر جاسم بما قلته فأسرار المريض لا يمكن التحدث عنها
سنام
وماذا فعلت وقتها ؟
أنجاد
لقد خيرت جاسم بينك وبينها أكثر من مرة
سنام
وماذا حدث ؟
وهل فعل جاسم شيئا عندما واجهته بخيانته لي
و من اختار منا أنا أم نسرين ؟
أنجاد
لقد اختارك بل وطلق نسرين من أجلك
هذا ما قاله لي منذ وقت قريب بعد نجاتك من الحادث
سنام
وماذا فعلت نسرين وقتها ؟
أنجاد
الحقيقة لقد انهارت وقتها وغادرت المكان دون كلمة واحدة
سنام
لا أدري أأفرح لأنه اختارني أم أحزن لأنني تسببت في كسر قلب فتاة أخرى
أنجاد
غريبة لقد تغيرت بالفعل سنام فما فعلته معها كان شيئا غير إنساني بالمرة
فقد أخبرتني أنك كنت تطاردينها في كل مكان تعمل فيه حتى يطردوها حتى تصعبين عليها حياتها وتبتعد تماماً من طريق جاسم للأبد
سنام
هل كنت سيئة لهذه الدرجة ؟
لو أن هذه هي حقيقتي فأنا لا أريد أن أتذكر الماضي
أنجاد
سيأتي يوم وتتذكرين كل شيء وعليك أن تكوني مستعدة نفسياً وتتقبلي ماكنت عليه
فكلنا لدينا حياة لا نرضى عنها بالكامل
ولكن مع ذلك فنحن علينا أن نعتاد على العيش مع الذكريات المؤلمة والسعيدة معا
سنام
أتمني ذلك
أنجاد
هيا سأتركك الآن
هل تريدين أن أحضر لك شيئا قبل ذهابي
سنام
شكرا لك أنجاد فجاسم قد ملأ الغرفة بالأغراض كما ترى ولا يجعلني أحتاج لشئ
يغادر أنجاد ويغلق الباب
****
وبعدها بعدة دقائق
تدخل فتاة في زى ممرضة وتضع كمامة تخفي معظم ملامحها
ثم تغلق الباب خلفها وتتجه نحو سنام وتخرج حقنة من جيبها وتعطيها لها في الكلونة قائلة
هل تتذكرين من أكون؟
سنام
الحقيقة لا فأنا فاقدة للذاكرة من أنت؟
الفتاة
أنا نفس الفتاة التي دبرت لي حادثة سير حتى تتخلصي مني بعدما علمت بعلاقتي بزوجك
لقد أعطيتك للتو حقنة ستسبب لك شللا مؤقتاً في النطق والحركة أتعرفين لماذا أفعل ذلك؟
لأنني أيضاً سأتخلص منك
و بينما الجميع سيظن أنه حادث مؤلم والمريض المسكينة توفيت بسبب النار
سأكون أنا سعيدة لأنك سوف تشعرين بالنار وهي تشتعل في جسدك
كما سببت لي عاهة مستديمة
تحاول سنام أن تتحدث ولكنها لا تستطيع
تحاول أن تمد أصبعها لتدوس على جرس الانذار
ولكن يدها لا تتحرك
الفتاة
لا تحاولي لن تستطيعي تحريك جسدك وحتى أقطع عليك المحاولة فقد فصلت جهاز الإنذار
بالإضافة أن حارسك الوسيم
قدمت له كوبا من الشاي وخدرته وسوف تشتعل الغرفة ولن يشعر أحد بك يامسكينة
ثم تنظر سنام فتشاهد الممرضة المجهولة وهي تشعل النار في المكان وتنتظر حتى تتأجج النا..ر في الغرفة ثم تبتسم وهي ترفع الكمامة وتخرج
فتحاول سنام أن تتحرك أو تنادي على أحد فلا تستطيع
بينما يشتعل المكان بسرعة وينتشر الدخان في كل مكان