رواية اوقات لا تدوم الفصل الخامس عشر 15 بقلم الكاتب مجهول


رواية اوقات لا تدوم
الفصل الخامس عشر 15
بقلم الكاتب مجهول 

تمر الايام كما هي واشد ما كان يسعدني اني لا اشعر بالغربة، والفضل في ذلك يعود الى افراد الطاقم.. وان كنت اميل اكثر الى مروان وزينة، فهم قريبان مني في كل شيء. 
في احد الايام اخبرتنا فرح ان شاب يوناني طلبها للزواج وهي وافقت على طلبه، حيث انها فرصة لاستخراج اقامة والانتقال للعيش فوق الارض مثل باقي البشر، والحقيقة فرحنا لذلك الخبر واقمنا لها حفل صغير لتلك المناسبة، وبالفعل تزوجت فرح واخذت اجازة قصيرة بعدها تعود للعمل. 
كنت في غرفتي مع مروان نتبادل الحديث. 
فبادرني : ايه رأيك في زينة؟ 
قلت : الحقيقة بنت ممتازة.. بس ظروفها صعبة. 
قال : يعني تناسبك؟ 
قلت : الصراحة انا غير مهيئ لدا دلوقت، انا خارج من تجربتي دي بصدمة وانا محبش اداوي جراحي على حساب غيري. 
قال : بس عندك استعداد؟ 
قلت : بصراحة مفكرتش في حاجة زي دي، وبعدين انت مهتم اوي كدا ليه؟ 
قال : بصراحة صعبانه عليا وبعدين شكلكم لايقين على بعض. 
قلت : هي الحكاية بالشكل! 
قال : فكر في الامر بجدية ومش هتخسر شيء. 
قلت : عشان افكر لازم اطوي الماضي نهائي. 
في احد الاجازات خرجت انا وزينة. 
فبادرتها : يا ترى بتخططي لمستقبلك ازاي؟ 
قالت : هو فين المستقبل دا. 
قلت : الامل في بكرا ذاته هدف.. لازم نعمل اللي علينا والباقي على ربنا، يعني انا مثلا بجتهد رغم ان المستقبل قدامي مش واضح، لكن كوني اكون انسان محاط اهتمام اللي حواليه دا لوحده حافز اني اكون كويس. 
قالت : انا عندي شقة في تونس مؤسسة باحدث الاساليب وشقة هنا كمان، لكني بفضل اعيش وسط الناس وعندي حساب لا بأس به في البنك، يعني بردو عاملة اللي عليا. 
قلت : المال وسيلة مش اكتر... لازم تعيشي حياتك وتتعاملي مع الدنيا على انها يوم مش اكتر. 
قالت : المشكلة اني مش حاسة بذاتي، والاحساس اللي بيقتلني اني مش بلاقي نفسي مع اي حد. 
قلت : انتي عمرك ما حبيتي؟ 
بدا عليها التوتر والقلق من سؤالي. 
قلت : اسف لو سؤالي ضايقك. 
قالت : لا ابدا بس الحقيقة اني بحس.. ان كل اللي قابلتهم طمعانين فيا كأنثى بس. 
قلت : واضح ان حياتك سلسلة من الاحاسيس.. ومش دايما الاحساس صادق، حاولي تتعاملي بواقعية واكيد هتلاقي الحلو والمر. 
قالت : واذا كان اللي هيقابلني مر بس؟ 
قلت : يبقى هتتعلمي منه، والحياة عمرها ما تبقى مر بس ولا حلو بس. 
قالت : صعب الانسان يغير طباعه بين يوم وليلة. 
قلت : اكيد بس لو طباعه دي هتتعبه يبقى لازم يحاول.. وبكل قوته كمان. 
مر على وجودي هنا في اثينا حوالي عشر شهور معظمها قضيته في سعادة بالغة.. ولا يعكر صفو حياتي سوى اللحظات التي اتذكر فيها انتصار، وشوقي لاهلي وناصر، اما احوالي المادية فهي في تقدم مستمر ففتحت حساب باسم زينة لانها لديها اقامة ، وكان مبلغ كبير لكني كنت اريد المزيد لاصلاح اموري في مصر. 
في احد جلساتي مع مروان وزينة على سطح المركب. 
بادرني مروان : انت ناوي تقعد معانا كتير؟ 
قلت : انت زهقت مني ولا ايه؟ 
قال : لا مش قصدي اقصد ناوي على ايه في مصر؟ 
قلت : مفكرتش الحقيقة بس لسة بدري لما افكر انزل. 
زينة : طموحك عاجبني على فكرة. 
قلت : خروجي من مصر وسبب فشل خطوبتي كانت احوالي المادية، فلازم ارجع وانا راضي عن نفسي. 
قال ناصر : الولاد وحشوني وعايز انزل اشوفهم. 
قلت : انت بقالك قد ايه هنا؟ 
قالت : سنة ونص. 
قلت : وانتي؟ 
قالت : داخلة على السنة التالتة. 
قلت : اه بس هو بيته وعياله لهم عليه حقوق، انت فعلا نويت خلاص؟ 
قال : انا كلمت ايفان وقالي استنى انطونيو لما ييجي. 
في يوم وصلتني رساله من احمد اخي وهذه الرساله حركت داخلي مشاعر كثيره ومتناقضه غريبه اكثر واكثر، وكان هذا نص الرساله : 
بعد السلامات والاشواق الزائده احب ان تقدر موقفي وان لا تكون حائل في طريق سعادتي، فانا بعد تفكير كثير وعميق قررت ان ارتبط بانتصار خطيبتك السابقه، اعرف ان الخبر سيكون مفاجاه ولكن تلك هي الحقيقه واعتقد ان ذلك لن يضايقك في شيء، لان الامر منتهي بالنسبه لك وكل ما اتمناه ان تبارك لذلك االارتباط من قلبك. 
وانتهت الرساله وانتابني حزن عميق..على ماذا ؟ لا ادري، وكيف سيكون الوضع وكيف الحال الان في منزلنا؟ سواء ابي او منار مشاعر وافكار كثيره دارت في خلدي ، وكم تمنيت ان يكون ناصر معي لنتحاور، تحركت مسرعا الى مروان احكي له عن تلك الاخبار.
 قال : لازم تبارك الجوازه دي انت خلاص ما عادش ليك صفه في حياتها. 
قلت : انسانه غريبه قوي تتجوز اخويا؟ 
قال : احنا ما نعرفش ايه الظروف. 
قلت : ليه كده...ليه يا احمد؟ 
قال : لازم ترضى بالواقع لان واضح انه واخد قرار ومصمم عليه. 
قلت : صدقني حزني مش عشان هو خدها انا كل حزني انها تبقى قدامي باستمرار وانت ما تعرفش انا كنت بحبها قد ايه .
قال : انا يصعب عليا اسافر واسيبك في الحاله دي بس لازم تصمد وتبعت تبارك له. 
وفي اليوم التالي وصلني خطاب من منار مضمونه نفس الموضوع، تحدثت ان الامر متوتر للغايه في المنزل لرفض ابي لذلك القرار وان احمد تارك المنزل وجالس في شقتي بمفرده ، وعلى الفور كتبت الى ابي ارجوه ان يلبي الى احمد طلبه وان ياخذ احمد شقتي ويجعلها عش الزوجيه كهديه مني، وهذا اكبر برهان على موافقتى وعلى عدم تاثري بذلك اطلاقا على ان يوفوني بما يجد .
سافر مروان الى بلده لرؤيه زوجته واولاده بعدما اخبر زينه بما يحدث في القاهرة، وكانت حالتي غريبه جدا حتى على نفسي فكان الامر لا يعنيني من قريب او بعيد وهنا ادركت اني بالفعل نسيت انتصار، وبدات بالفعل افكر في زينه واهتم بها وكعادتي لا احب تسويف الامور، فتكلمت مع زينه بكل صراحه وطلبت يدها للزواج .
قالت : انا من رأيي نستنى شويه لغايه ما تمر الفتره دي. 
قلت : صدقيني اللي حصل في مصر ده ما يهمنيش وانا فعلا كنت بفكر فيك من فتره، بس كنت مستني الفرصه المناسبه. 
قالت : عماد في حاجات مهمه لازم نتفق عليها الاول عشان نبقى على نور. 
قلت : حاجة ايه؟ 
قالت : يعني انت هتفضل هنا على طول ولا ناوي ترجع مصر؟ 
قلت : اكيد مهما مر الزمن لازم ارجع مصر. 
قالت : وانا وضعي ايه؟ 
قلت : معايا طبعا احنا ممكن نعيش في مصر مرتاحين جدا. 
قالت : طب ليه مانعيش في تونس .
قلت : احنا ممكن نقعد في اي مكان نلاقي في راحتنا مش هتبقى دي نقطه الخلاف. 
قالت : انا من رأيي نقطه الاولاد ناجلها شويه .
قلت : وده كمان رأيي لغايه ما نأسس نفسنا. 
قالت : موافقه. 
قلت : ايه رايك الاربعاء الجاي الفرح؟ 
قالت : لازم بقى نقعد في شقتي اللي هنا. 
قلت : ما عنديش مانع. 
وبالفعل مع زواجنا انتقلنا الى الاقامه في شقه زينه وبدأت في استخراج الاقامه لزواجي من يونانيه لان زينه تحمل الجنسيه اليونانيه، وبدات الامور تستقر في حياتي اكثر بزواجي من زينه وبعثت الى مصر اخبرهم بزواجي وارسلت لهم صوره لي انا وزينه، والشيء الذي لا انكره حب زينة لي فهو يفوق الوصف، ولكنها تشعر اني ما زلت افكر في انتصار...صحيح هي لا تتكلم في ذلك الامر الا انه شعور لدي. 
في احد الاجازات خرجنا لنتنزه. 
فبادرتني : انا مبسوطة اوي يا عماد. 
قلت : مش اسعد مني، ربنا وهبني حوريه من الجنه خلت حياتي كلها نعيم .
قالت : من قلبك الكلام ده يا عماد؟ 
قلت : انتي حاسه بايه؟ 
قالت : فرحتي بيك لو قسموها على العالم هيفيض منها. 
قلت : يا سيدي على الرومانسيه. 
قالت : اجمل حاجه فينا اننا رومانسيين .
وطرق على فكري جمله انتصار بان الخلاف بيننا هذه الرومانسيه .
بادرتني : سرحت في ايه يا حبيبي؟ 
قلت : انا بفكر اننا نأسس شركه سياحة ..شركه بينا وهو نبقى اصحاب شغل بدل ما احنا شغالين عند الناس .
قالت : والله فكره بس يا ترى اللي معانا يكفي .
قلت : نصبر لغايه ما يكفي ولما ننجح نفتح فرع في مصر فرع في تونس وهي كلها بلاد سياحيه.
قالت : مش بقول لك طموحك بيعجبني. 
قلت : طموحي بس؟ 
قالت : كلك .
وقامت باحتضاني وهي تلف بي. 
مضى على زواجنا حوالي عام وكنا فيه اسعد زوجين في العالم ، لان زينه توفر كل ما يحتاجه المنزل من دفء المشاعر والامان، فعملها لا يعطلها عن مهامها كزوجه وربه ممنزل. 
صلني خطاب من مصر فيه صوره زفاف احمد وانتصار لقد تزوجوا بالفعل، ورأت زينة الصوره وابدت اعجابها بانتصار واخي متمنية لهم السعاده، واصرت ان نبعث لهم بهديه عباره عن مبلغ من المال ووافقت على طلبها. 


تعليقات