رواية أين ابنائى الفصل السادس 6 بقلم سوزان محمد عبدالغني


رواية أين ابنائى
الفصل السادس 6
بقلم سوزان محمد عبدالغني

تكتب حبيبة في مذكراتها
عندما سمعت صوت ارتطام قوي في الشارع
جريت خارج المنزل بملابس البيت
وعندما رأيت حفيدي  ملقى على الأرض والناس يتجمعون حوله
صرخت
 وناديت على ابنتي التي كانت تقف كالصنم  أمام باب الفيلا الخارجي 
ولا أدري هل كانت مصدومة؟
 أم أنها لا تهتم لما حدث للطفل
فناديت عليها وطلبت منها أن تحضر لي هاتفي وعباءة ألبسها بسرعة 
ذهبت بالفعل وأحضرت الهاتف والعباءة فلبستها  أمام الباب
  ثم وجدت سيارة الإسعاف قد وصلت
  فقلت لشجن خير لك أن تحضري خلفي حتى لا تندمي طوال حياتك
ولكنها لم تتحرك من مكانها بينما حمل المسعفون مازن  وجلست معه في سيارة الإسعاف
حيث حاول الطبيب الذي معنا إيقاف نزيف أنفه ورأسه وأخبرني أن الطفل سيحتاج لنقل دم لا محالة
فاتصلت بشجن
 وطلبت منها أن تستقل تاكسي فوراً حتى تلحق بنا في المشفى 
ولكنها أخبرتني بكل برود أن وجودي كاف 
وأنها لن تستطيع فعل شيء حتى لو حضرت
في هذه اللحظة
 كانوا ينقلون مازن لحجرة الفحص قبل أن يدخلوه غرفة العمليات 
فانفجرت فيها  بأعلى صوتي وأنا أتحدث معها على الهاتف
وأخبرتها أن ابنها في خطر ويحتاج لنقل دم سريع وفصيلته نادرة ولا أحد يستطيع إنقاذه غيرها لأنها أمه الحقيقة
سكتت شجن في بداية الأمر من الصدمة ولم ترد على الهاتف حتى ظننت أنها أغمى عليها 
ولكني أعدت على مسامعها ماقلته
 أنت أمه الحقيقة وهو واحد من أبناءك الثلاثة الذين فقدتهم
صرخت شجن في الهاتف
 واتهمتني بالكذب وأنني اقول ذلك حتى أستدر عطفها  نحو الصغير
 ولكني طلبت منها أن تذهب لغرفتي وتفتح الخزنة وتقرأ التقرير الذي فيها 
أغلقت شجن المكالمة وذهبت لغرفة والدها وشاهدت التقرير  الذي في الخزنة 
وقرأت ماكتب فيه
نسبة تطابق  مازن مع شجن  100٪
جرت شجن ولبست عبائتها وأخذت مفاتيح السيارة وانطلقت بسرعة جنونية نحو المشفي حتى كادت تصطدم بالسيارات الأخرى من فرط السرعة 
وعندما وصلت جرت مسرعة نحو الاستقبال وسألتهم على مكان مازن فدلوها علينا
وعندما شاهدتني أقف خارج غرفة العمليات جرت نحوي فاحضنتها وكانت هذه أول مرة
أخذها في حضني 
 فقالت لي وهي تبكي 
 أين ابني ياأمي؟
حبيبة
هو مع الأطباء ادع له أن ينجو  فدعوة الام مستجابة
شجن
لماذا لم تخبريني أنه أحد أبنائي؟
حبيبة
خفت أن تسألي عن إخوته وتتذكري أنهم قد ماتوا فتحزنين عليهم 
شجن وهي تبكي بحرقة
وهل ماتوا فعلا ؟ ألا يمكن أن يكونوا نجوا أليس هناك احتمال 1٪
حبيبة
 للاسف يابنتي توفوا أنا متأكدة 
وأتمنى أن ينجو مازن فهو أملنا الوحيد الآن 
شجن إن شاء الله سينجو فلن يحرمني الله من كل أبنائي دفعة واحدة
حبيبة
سأتصل بمجد وأخبره بما حدث
شجن
هو خارج البلاد ويبدو أن لديه اجتماع فهاتفه مغلق فقد اتصلت به كثيرا 
ولكني تركت له رسالة وعندما يقرأها بالتأكيد  سيأتي في أول طائرة
***
تخرج الممرضة
الطفل يحتاج لدم والفصيلة o+ نادرة 
شجن
أنا نفس الفصيلة خذي ماشئتي حتى لو احتجتي لدمي كله ولكن يجب أن يعيش ابني
الممرضة
نحن نفعل مافي وسعنا مدام
 والأعمار بيد الله 
ثم تذهب شجن معها  للتبرع لابنها وتغيب لنصف ساعة
يتصل  مجد 
ألو  مرحبا خالتي حبيبة 
أنا أتصل بشجن ولكنها لا ترد
حبيبة 
آسفة يابني فشجن في المشفى
وقبل أن تكمل حديثها
مجد
ماذا حدث هل حدث شيء لها لماذا أنتم في المشفى 
حبيبة
ألم تقرأ الرسالة التي وصلتك 
مجد
لا لقد كنت في اجتماع وبمجرد خروجي نظرت للهاتف بعد أن فتحته فوجدت شجن قد اتصلت خمس مرات فقلقت واتصلت مباشرة
هيا أخبريني ياخالة 
ماذا تفعلون في المشفى ؟ هل شجن مريضة؟
حبيبة 
لا يابني شجن بخير  ولكن مازن ليس بخير فقد فتح باب  المنزل وخرج دون أن نشعر فضربته سيارة وهو الآن في غرفة العمليات 
مجد 
لا حول ولا قوة إلا بالله
وكيف حاله الآن؟ هل هو بخير أرجوك طمنيني 
حبيبة
لا أدري يابني فمنذ أن ادخلوه لغرفة العمليات لم يخرج أحد ليطمئنني
مجد
وأين شجن الآن؟
حبيبة
تتبرع له بالدم ولم تخرج بعد
مجد
سأتي بأسرع ما يمكن فسوف أحجز تذكرة طيران القاهره وآتي فوراً 
بالإذن منك
يغلق مجد المكالمة ثم يتصل ليطلب تذكرة 
وبعد ساعة ونصف يكون في المشفى
فيجد حبيبة جالسه في غرفة مازن بينما شجن تحمل مازن على قدمها وتضمه لصدرها 
مجد يستغرب المنظر 
ولكنه يدخل قائلاً
كيف حاله الآن؟
حبيبة
حمد لله على سلامتك يا بني
هو بخير ولكنه أخذ عدداً من الغرز في رأسه 
وذراعه أيضاً بها كسر 
يتجه مجد نحو مازن 
أعطيه لي شجن فهو ثقيل عليك
شجن
لا دعه أنا لا أشعر بوزنه ولا أريده أن يستيقظ حتى لا يتألم 
مجد 
حسنا عندما تشعرين بالتعب أخبريني حتى آخذه منك
شجن
لن أشعر بتعب مادام ابني بحضني 
يجلس مجد بجوار حبيبة
 ويهمس لها 
أشعر بتبدل في حال شجن فقد كانت تعامل مازن بقسوة  قبل سفري ولم تكن تحتمل أن يقترب منها
 والآن لا تريد أن أحمله حتى أريحها قليلاً 
حبيبة
بصوت هامس 
عندما رأت السيارة قد صدمته شعرت أنها ستفقده لذلك تعلقت به 
مجد
أتمني أن يستمر الوضع هكذا ولا تنفر منه مرة أخرى بعد أن يشفي
حبيبة
لا أطمئن أنا أعرف ابنتي جيدا وعندما تتعلق بشئ لا يمكن أن تتركه مرة أخرى وسترى بنفسك بعد عودتنا للمنزل
يفتح مازن عيونه 
فيقترب منه مجد قائلاً 
 كيف حالك يا بطل ؟
مازن
بابا  أشعر بألم هنا ثم يشير بيده نحو ذراعه
يقبل مجد يده الصغيرة قائلا 
 لا تقلق حبيبي ستشفى بسرعة بعد أن تأخذ الدواء
ثم يحمله ويضمه ويقبله
وبعد عدة ساعات يعود الجميع للمنزل
****
في مكان آخر
تجلس سعدات في الشارع
بجوارها حاتم ابنها الكبير بينما يجلس مدحت وأهداب على قدميها 
الصغار نحن جائعون يا أمي 
سعدات 
حاتم أجلس مع إخوتك هنا حتى أحضر لكم شيئا تأكلونه
ثم تذهب سعدات لتبحث عن عمل 
ف تدخل إحدى المحلات وتقول لصاحبة المحل
سيدتي أنا استطيع ان أنظف لك المحل مقابل أي مبلغ من المال فأولادي جياع
السيدة
حسنا سأعطيك 20 جنيها وأريد المكان لامعاً 
سعدات 
ولكن سيدتي رغيف الخبز بجنيهان 
والباقي لن يكفي لشراء جبن أو فول 
السيدة
هذا عرضي اقبليه أو انصرفي ولا تضيعي وقتي
سعدات
هلا أعطيتني المبلغ لأشتري لأولادي شيئا لياكلوا وأنا سأنظف المكان بعدها
السيدة
هل أنت مجنونة تأخذين المال قبل أن تعملي شيئا طبعاً لا 
اعملي وعندما تنتهي سأعطيك المال
تنظر سعدات من باب المحل فتجد الاولاد يجلسون حيث تركتهم  فتبدأ بالتنظيف
****
هناك حيث الأطفال
الصغير مدحت
أنا جائع
حاتم الأخ الأكبر 
هناك شخص يبيع السميد سأذهب لعله يعطيني واحداً لنأكله 
يجري حاتم نحو البائع
لو سمحت أعطني رغيفا فأخوتي جائعين 
البائع
يدفعه فيسقط أرضا
أذهب من هنا أيها المتسو*ل
أنتم تتربحون من هذه المهنة وبالتأكيد انتم تملكون مالاً أكثر مني
يقف حاتم 
ثم يخطف رغيف خبز ويجري ليقطع الشارع نحو الجهة الأخرى التي يجلس فيها إخوته
فيجري البائع خلفه
 فتاتي سيارة مسرعة فتصدم حاتم وتلقيه بجانب الشارع ويطير الرغيف من يده ليصبح بجوار أخوته الصغار
تخرج سعدات من المحل على صوت الاصطدام فتري ابنها من بعيد فتجري نحوه بينما تنادي عليها صاحبة المحل 
أنت لم تكملي عملك أين ستذهبين؟
تجري سعدات وتحضن ابنها بينما يأتي مدحت الذي لم يتجاوز ثلاث سنوات ويأخذ الرغيف الملوث بدماء أخيه ويقسمه نصفين بينه وبين أخته أهداب التي تكبره بعام  ويجلسان على الرصيف يأكلان 
بينما سعدات تضع ابنها الذي يحتضر في حضنها وتستغيث بأعلى صوتها 
ولكن لا أحد بجيبها حتى لفظ الطفل ذو 11عاما أنفاسه الأخيرة 

على شاطيء البحر
بعد ثمان سنوات
يجلس علاء وزوجته حسناء مع ابنهم تحت مظلة على البحر
الضا..بط علاء
هيا أيمن حبيبي تعالى نلعب بالكرة
أيمن
هيا بنا لقد أحضرت كرتي المفضلة 
ثم يلعبان على الشاطئ وكلا منهم يرمي الكرة نحو الآخر
ولكن أيمن يلقيها بعيداً فتبتعد كثيرا فيمسكها مازن
أيمن
لو سمحت ألقها لي هذه كرتي 
مازن
لا لن أعطيها لك 
ثم يلقيها نحو البحر فتاخذها الأمواج بعيدا 
يجري أيمن نحو مازن ويضربه في عينه فتترك كدمة زرقاء فوق عينه ويقول له 
لماذا رميت كرتي في الماء 
مازن 
ابتعد عني ثم يلكمه في أنفه فينزف أيمن من أنفه 
علاء يجري نحوهم ويقول لمازن
ماذا فعلت أيها الغبي ؟
مجد يتدخل
أنا أعتذر بالنيابة عن ابني هو طفل عنده 11 عاما فقط 
وابنك ضربه أيضاً أنظر إلى عين ابني
مازن 
لا تعتذر لهم أنا لن...
وقبل أن يكمل حديثه يضع مجد يده على فم مازن 
ويشده من يده بعيداً وينصرف نحو مظلته
 اسكت يكفي لقد حطمت أنف الولد
وأنت المخطئ منذ البداية لماذا أخذت كرته
مازن
أعجبتني الكرة فأخذتها
ألم تقل لي خذ اي شيء يعجبك 
مجد
هذا عندما نذهب لشراء شئ ولكن لا يصح أخذ أغراض الناس دون استإذان

علاء يمسك أيمن من يده ويتجه بعيدا حتى لا ترى حسناء ابنها وهو ينزف من أنفه
ثم يغسلها له بماء البحر قائلا 
هل تشعر بألم حبيبي؟
أيمن
نعم أنفي تؤلمني 
أنا أكره ذلك الولد ولو ألتقيت به مرة أخرى فقد أقت..له
علاء
وفر هذا الكلام للمجرمين فسوف تصبح ضا..بط كوالدك وساعتها لن يتجرأ أحد على اهانتك
أيمن
حسنا سأصبح شرطي وابحث عن هذا الولد بالتحديد واسجنه

في مكان آخر
سعدات 
مدحت لا تعمل الاسبوع المقبل حتى تنهي الامتحانات فلديك ملحق بسبب أنك لم تذهب  امتحان الدراسات
مدحت
لا تخافي سأنجح فيه 
فلولا أن صاحب الورشة كان لديه عمل كثير ورفض ذهابي الامتحان ذلك اليوم لكنت الأول على المدرسة
سعدات
أسفة بني لقد حملت الهم باكراً 
ولكن لولا أنك تعمل عند هذا المكانيكي لما استطعنا توفير غرفة لننام فيها 
مدحت 
أنا كنت في الثالثة من عمري ولكني أتذكر أننا بتنا أياما في العراء وسط البرد القارس 
سعدات
اللهم لاتعد هذه الأيام
فلولا أهل الخير الذين اشفقوا علينا واعطونا هذه الغرفة لاصبحنا مشردين حتي الآن
ولكن الحمدلله أنت تعمل بجانب المدرسة وأنا أعمل في تنظيف البيوت أو بيع الخضار وأصبح لدينا مال نعيش منه 
وغدا سأركم في احسن الكليات
اهداب
أنا أريد أن أدخل كلية الطب ياأمي وأنت ماذا تريد يامدحت؟
مدحت
أريد أن أكبر أولا وبعدها سأقرر 
****
 بعد مرور خمسة عشر سنة
الضابط علاء 
كيف حالك حبيبي أيمن ؟
كل سنة وأنت طيب لقد كان عيد مولدك منذ اسبوع وأكملت 18 من عمرك
أيمن 
بخير ياأبي وكنت أتمني أن تكون معي يوم مولدي ولكن ماباليد حيلة
علاء
كنت في مأمورية ولم استطع التخلف 
ولكن انظر ماذا أحضرت لك؟
أيمن
هذه علبة كبيرة جداً 
ماذا يوجد بها؟
حسناء
تعالي لنفتحها معا بني 
ثم تفتحها 
أيمن
واو هذا مسد..س صيد شكرا أبي
علاء
أنت الآن قد كبرت وبعد أيام ستمتحن الثانوية العامة 
وأريدك بعد انتهاء الامتحانات أن تتعلم التنش*ين  
فأنا أريد أن أقدم لك في كلية الشر..طة لتكون ضا..بطا مثلي
حسناء
لا أريد أن يصبح أيمن مثلك
 فأنا لا أراك معظم الوقت لأنك تتنقل من بلد لبلد ولا أريد أن يكون ابني بعيداً عني
أيمن
لا تقلقي ياأمي سأدخل الكلية التي يريدها أبي ولكني سأخذك لأي مكان أذهب إليه
حسناء
مادمت ترغب في أن تصبح مثل أبوك فلا مانع عندي
المهم أن تكون سعيدا فأنت ابني الوحيد
***
في مكان آخر
سعدات
مدحت ماذا تفعل 
مدحت
اذاكر من أجل امتحان الثانوية العامة
سعدات
منذ يومين  وتتحجج بالمذاكرة وأراك تكتب معظم الوقت في ورق صغير ماذا تفعل بالضبط ؟
مدحت
 أنا أذاكر فعلا ولكن بطريقة حديثة و بالتحديد أصنع بعض البر*شام ليساعدني على الغ*ش 
فكما تعلمين كنت أعمل معظم اليوم وأنام آخر النهار من التعب ولم أستطع أن أذاكر جيداً 
وهذه السنة مصيرية وسوف تحدد مستقبلي
وأريد أن أنجح وأدخل كلية محترمة 
سعدات
لقد أخذتك وهربت بك من وك*ر العصابة 
 لتنسى حياة التسول والسرقة وتصبح شاباً مستقيماً وتعوضني عن ابني المرحوم
وفعلا فعلت ما يفعله الإبن وزيادة
 لقد وقفت بجانب أختك لتتعلم وفضلتها على نفسك وهي الآن في كلية الطب في السنة الأولى
وأتمني أن تدخل الكلية نفسها
مدحت
وأنا أفكر فيما تفكرين فيه لذلك أحاول أن أكون شيئا
ولكن للأسف أمي لن أستطيع دخول كلية من كليات القمة 
فأنا أعرف نفسي 
 لم أخذ دروس طوال العام ولم استطع شراء كتب خارجية 
حتي أنني لم أكن أذهب للمدرسة بسبب العمل 
ولو أخذت مجموع أي كلية سأحمد الله كثيرا 
 لأخرج من هذا المستنقع
لذلك عليك الخروج وبيع الخضار وحدك  هذه الفترة حتى تنتهي الامتحانات وبعدها سأساعدك

في اليوم التالي
يذهب مدحت للامتحان ويجيب عن بعض الأسئلة ثم يخرج اوراق الغش لينقل منها
ولكن يأتي المراقب ويقف خلفه قائلاً
ماذا تفعل أيها الشاب ؟

                      لقراءة الفصل السابع من هنا 
تعليقات