رواية أين ابنائى الفصل السادس والعشرون 26 بقلم سوزان محمد عبدالغني


رواية أين ابنائى
الفصل السادس والعشرون 26
بقلم سوزان محمد عبدالغني


يقف مازن وسط الحفلة ويطلب من الجميع الإنتباه بينما تقف جدته مرتبكة ويكاد أن يغشى عليها خوفاً من أن يبوح مازن بالسر الذي أخفته ل25 عاماً

مازن
#أريد أن أخبر الجميع وأمي بالتحديد أنني أتقدم رسميا لخطبة ريماس 
ثم يتجه نحو ريماس ويمسك بيدها مارأيك هل تقبلين الزواج بي 
ريماس
طبعاً أنا موافقة
يصفق الجميع
وتغمض حبيبة عيونها قائلة 
الحمد لله لقد كدت أصاب بجلطة
بينما ينظر مدحت من بعيد ويقول لنفسه
ماذا تظن نفسك لتقبل بك فتاة مثل ريماس
هي كانت معجبة بك لأنها ظنت أنك مازن ولكن لو علمت الحقيقة منذ البداية لما نظرت إليك 
أنت شاب فقير راتبك الشهري لا يكفي لشراء فستان مما تلبسه الليلة 
وأمامك سنوات حتى تستطيع أن تتزوج هذا 
لو أعطوك الشقة  التي وعدوك بها ووجدت فتاة تقبل بك 
عد للواقع يافتى وتذكر المكان الذي جئت منه 
تذكر أن أحد إخوتك مات جوعا بعد ما هربت بنا أمي من الو*كر
تذكر أن أمك خادمة تعمل في المنزال وهي الآن تقدم الضيافة لحبيبتك 

ثم يشعر مدحت بيد تمسكه من ذراعه
وعندما ينظر إليها يجد أهداب أخته
مابك مدحت ؟
لم تخرج وتجلس معنا في الحفل وتكتفي بالنظر من الشباك 
ويبدو عليك الحزن هيا أخبرني هل تخفي شيئا عني
مدحت
لاشيء أنت تتوهمين فقط أنا بخير يا اختي الكبرى فلا تشغلي بالك
أهداب
بالرغم أنني أكبرك بعام ولكننا رضعنا مع بعضنا نفس الحليب 
وأنا افهمك جيداً لقد كنت سعيداً منذ قليل 
ولكن تغير وجهك عندما طلب مازن يد ريماس للزواج 
أنت تحبها أليس كذلك ؟
مدحت
لن أكذب عليك أحبها بجنون ولكنها كالنجوم لا نراها إلا في السماء و ننظر إليها من بعيد 
ولكن لا يمكننا الإمساك بها أو لمسها
أهداب 
#لا تحزن يا أخي نحن من عالم آخر غير عالمهم
 ومع الوقت ستنسي كل شيء وتحب غيرها 
ثم تقول لنفسها
 كما ستفعلين أنت أهداب فيجب أن تنسي أيمن نهائيا فهو ليس لك ولن يكون يوماً
 فقد قالتها أمه أمامك 
أنت مجرد ابنة خادمة بالنسبة لهم 
ثم تنظر نحو المدعوين فتجد أمها تقدم  الضيافة للمدعوين مع باقي العمال
وفجأة تزل قدمها في حفرة صغيرة في أرض الحديقة
فيسقط طبق الجاتوه  من يدها
 على واحدة من المدعوات
فتصرخ السيدة فيها وتوبخها فتعتذر سعدات منها ولكن السيدة تتمادي في اهانتها
وتطلب منها أن تمسح حذائها الذي أتسخ
فيقفز مدحت من شباك الاستراحة نحو الحديقة 
ويجري نحو أمه ويضمها ويقبل رأسها
ثم يقول للسيدة
آسف مدام لأن أمي تعثرت ووسخت حذائك الغالي 
ولكني لا أقبل أن يهين أحداً أمي مهما كان 
لذلك أنا سأمسح لك الحذاء 
ثم يجلس ويمسك بيده قطعة القماش ليسمح الجاتو عن حذاء السيدة
فتأتي شجن وتشده من يده ليقف وتقول له 
أذهب أنت مدحت
ثم تقول لصديقتها
أسفة علياء  تفضلي معي للحمام وأنا سأعطيك حذاء آخر حتى ينظفوا لك هذا
ثم تغادر معها علياء نحو الفيلا
 وتغيب شجن لدقائق ثم تعود وتنادي على مدحت
فيذهب إليها
مدحت 
آسف مدام شجن أنني أحرجتك أمام ضيفتك 
ولكني لا أتحمل أن يذل أحد أمي وأنا واقف واتفرج
شجن
و نحن أيضاً لانهين من يعملون معنا وخصوصاً أنت بالتحديد
 فأنت تشبه مازن ابني كثيرا ولا أتحمل أن يهينك أحد لأنني أشعر أن ابني هو من يهان 
مدحت
شكرا لك سيدتي 
شجن
 لا شكر على واجب بني 
ثم تقول لنفسها
كنت أتمنى لو كان مازن يخاف على مشاعري  مثلك كما تخاف أنت على مشاعر أمك وتهتم لها
في جانب الحديقة آخر من الحديقة بعيداً عما يحدث
 يقف مازن مع ريماس 
ريماس
لقد كنت معي أمس بالمكتب ولم تخبرني بشئ 
أقصد بموضوع إعلان الخطبة 
مازن 
الحقيقة أنني لم أذهب للمكتب غير مرة واحدة
خلال الشهرين الماضيين 
 والذي كنت تشاهدينه هناك هو شبيهي مدحت
فقد كان يذهب للمكتب طوال الوقت 
ريماس
أنا لا أفهم شيئا عن أي شبيه تتحدث
مازن
هل شاهدتِ الشاب الذي دافع عن الخادمة منذ قليل
ريماس
نعم سمعت جزاء من الحوار ولكني لم أر وجهه فقد كان يعطينا ظهره و كنت أتحدث معك ولم انتبه لما حدث بالضبط 
مازن
اسمعي ريماس 
أنا قررت أن أبدأ صفحة جديدة في حياتي
و أن أنسى الماضي كله بخيره وشره لذلك يجب أن تعرفي كل شيء عني حتى لا تصدمي 
هيا تعالى معي
ثم يمسكها من يدها ويتجه نحو مدحت الذي يراهم مقبلان نحوه فيدير وجهه للناحية الأخرى بسرعة
ولكن مازن يربت على كتفه 
هيه أنت انظر إلي 
يستدير مدحت نحوه 
ريماس
يال الهول هل أنتما توأم متطابق
مازن
لا لسنا إخوة من الأساس 
ولكن التشابه بيننا كبير  جداً 
مدحت ينظر ليد ريماس وهي تمسك بمازن
فتنتبه ريماس وتنزع يدها من يد مازن بهدوء
مازن
لماذا أفلت يدي حياتي؟
ريماس لنفسها
لأنني أمسك باليد الخطأ 
ثم ترفع صوتها 
لقد شعرت بالخجل فالجميع ينظر إلينا
مدحت
لا يفترض أن تمسك يدها من الأساس فهي لم تصبح زوجتك بعد
مازن
حسنا حضرة الشيخ مدحت 
انظري ريماس 
هذا الفتى متشدد جداً 
مدحت
هذا ليس تشدد ولكن هذا مايأمرنا به ديننا 
مازن
حسنا انتظري هنا ريماس لتأخذي بعض المواعظ من توأمي بينما أذهب للحمام وأعود فوراً 
ريماس 
حسنا تفضل
يمشي مازن نحو باب الفيلا بينما تنظر ريماس لمدحت 
لماذا لم تخبرني 
لقد كنا نعمل مع بعضنا طوال شهرين حتى ظننت أنك هو  
مدحت
ولماذا أخبرك أنا كلفت بمهمة وأديتها كما يجب 
ريماس
عندما عرض مازن علي الزواج قبلت لسبب واحد لأني معتقده أنه أنت وقبلت الخطبة على هذا الأساس
مدحت
أنت مع الشخص الصحيح الآن
 أنت قبلت الزواج من مازن صاحب الشركات الذي ينتمي لنفس مستواكِ
أما أنا فنكرة لا أملك حتى هذه الاستراحة التي أعيش فيها 
بل لا أملك شيئا من الأساس 
 وكما رأيت بنفسك ماحدث منذ قليل
 قامت سيدة مثلك من الطبقة الراقية بالسخرية من أمي العاملة المسكينة
 وكنت أنا شخصيا على وشك أن أمسح حذاءها 
بدلاً عن أمي 
ريماس
الشخص بعمله وما حققه وليس بثروة أبيه 
وأنت أثبت للجميع تفوقك في الشركة
وحققت مكاسب كبيرة لها وهذا يعني أنك شخص ناجح 
مدحت
أنا لست مهندساً كما تظنين 
أنا خريج تربية نوعية قسم حاسبات 
وكنت على أفضل تقدير سأكون معلم حاسب آلي
 في إحدى المدارس الحكومية
 والصدفة فقط هي من جعلتني المدير التنفيذي لشركة مجد
واذا عاد مازن للشركة فقد يستغنون عن خدماتي
 أو أصبح مجرد موظف عادي بالشركة 
ريماس
لا يهمني كل ماقلته لي
وقد تعتبر هذه جراءة مني ولكني لم أوافق على مازن إلا لأنني ظننته أنت
فقلي ماذا أفعل الآن ؟
مدحت
تكملين طريقك معه ولن تخسري شيئا فهو يشبهني تماماً ولن تشعري بالفرق
المشكلة هو أنني لن أجد من تشبهك لتعوضني عن فقدك
ريماس
الفرق بينك وبين مازن بالنسبة لي كالعملة الحقيقة والعملة المزيفة
ولكني واثقة أنك العملة الحقيقية وأنا...
وقبل أن تكمل كلامها 
ترى مازن مقبلا نحوهم  فتصمت 
مازن
 بالإذن منك سيدي الشيخ سأخذ خطيبتي ونجلس  على انفراد قليلا
هيا بنا حياتي
ثم يمسك يد ريماس لينصرف
 ولكن هذه المرة تفلت ريماس يدها بسرعة ثم تبتسم في وجه مازن قائلة 
أظنني اقتنعت بكلام الشيخ مدحت ويجب أن نظل بعدين عن بعضنا حتى موعد الزفاف
مازن
حسنا  لو كنت أعرف هذا ماكنت تركتك معه
هيا بنا
 ويبتعدان بينما تلمع الدموع في عيون مدحت ويغادر نحو الاستراحة
فيجد أهداب تجلس في الصالة
#لماذا لم تكملي السهرة ؟
أهداب
لنفس السبب الذي جعلك لا تكملها
وهو أنني لم أنسجم مع المدعوين فهم من عالم غير عالمنا ويتكلمون في أشياء لن نراها إلا على التلفاز فقط
مثل الذهاب إلى جزر المالديف وبرج ايفل والساحل الشمالي وماركات الملابس الغالية
ولكن ما ازعجني فعلا 
أنني رأيت هؤلاء القوم يلقون بالجاتو في صفيحة القمامة بينما نحن لم نشبع منه طوال حياتنا
مدحت
نحن لم نشبع من الخبز أختي وليس الجاتو
ألا تتذكرين أخونا الكبير الذي مات بسبب الجوع   
أهداب 
أنا أذكر ذلك اليوم جيداً
لقد أخذتنا أمي وهربت من الو*كر لأن حميدة 
أرادت أن تعلمنا السرقة وهربنا  وبلغت أمي عنها وتم القبض عليها
ثم  غادنا المحافظة ونحن ننام فوق سطح القطار لأننا لا نملك ثمن التذكرة 
وقضينا مدة ننام في العراء وكنا نأكل مرة واحدة في اليوم هذا لو جدنا الخبز الحاف 
وذات يوم كان أخي جائعاً جدا فوجد رجلاً يبيع السميد 
فجري وأخذ واحده منه وعندما رآه البائع وهو يسر*ق رغيف السميد جري خلفه فصدمت السيارة أخي الكبير وهو يعبر الشارع وما*ت
لقد دفع حياته ثمنا من أجل رغيف خبز
مدحت
أتذكر لأننا أخذنا الرغيف الملو*ث بالد*م وأكلناه أنا وأنتِ 
لقد ما*ت أخي الكبير ولكنه أنقذ حياتنا أنا وأنت 
أهداب تبكي
يكفي مدحت 
 لا أريد أن أتذكر شيئاً آخر لو سمحت فهذه الذكريات تؤ*لمني 
مدحت
على العكس يجب أن نتذكرها لسببين لنشكر الله على ماوصلنا إليه الآن
وحتى لا ننسي من نكون فالنظر لفوق يؤلم الرأس 
يدق الباب 
فيفتح مدحت  فيجد مازن يقف أمام الباب
فيقول له 
سيد مازن هل تريد شيئاً ؟
مازن
تعلمت القيادة أليس كذلك؟
مدحت 
نعم فأنا أقود سيارة والدك منذ شهرين
مازن
حسنا تعالى لتقود السيارة  بدلاً مني 
فقد حدث لي شد عضلي في قدمي وأريد أن أوصل ريماس لمنزلها فقد استأذنت والدها  أن تبقى ووافق
وقد غادر منذ ساعة ويعتمد علي  
مدحت
حسنا هيا بنا 
ثم يتجهان نحو السيارة
مجد 
مدحت أنا مطمئن لأنك معهم فقيادتك رائعة
مدحت
شكرا سيد مجد أتمنى أن أكون عند حسن ظنك 
مجد
بصراحة أنت عند حسن ظني دائما
مازن 
لو اكتفيتم من مديح بعضكم سنرحل
مجد
لا فهو يستحق أكثر من ذلك بالمناسبة مادمت تشعر بألم في ساقك فلا تفكر في قيادة السيارة ومدحت سيقود لك من الآن فصاعدا حتى نجد حلا لموضوع قدمك
مازن
حسنا أبي سأفعل ماتريده مني لا تقلق
هيا مدحت ستقود أنت وأركب أنا وخطيبتي في الكرسي الخلفي
يركب الجميع السيارة ويقود مدحت نحو العنوان الذي أخبرته به ريماس
مازن
حياتي بعد أن تصلي لغرفتك وتبدلي ملابسك لتنامي   اتصلي بي لتكوني آخر شخص أسمع صوته وآخر شخص أراه قبل نومي لأحلم بك أحلاما جميلة 
يبلغ مدحت ريقه بينما يقود 
ثم يقول :احم احم 
لا تنسى أنني معكم في السيارة 
مازن
أنت صديقي المقرب ولن تفشي سرنا بالتأكيد
ريماس
مدحت معه حق هذا الحديث يخجلني وسابق لأوانه 
مازن
حسنا سأسكت لسبب واحد لأننا وصلنا
ما رأيك أن أخذ قبلة صغيرة 
وقبل أن ترد ريماس عليه بلا 
يقبلها في خدها  بسرعة
فتفتح ريماس الباب وتجري نحو منزلهم 
بينما يشعر مدحت بالغيرة 
أليس ماتفعله خطأ ؟
المفترض أن تحافظ عليها
مازن
بعد أيام ستصبح زوجتي فما المانع من بعض التشويق
مدحت
هذا لا يجوز  وقبل أن يكمل حديثه 
ينزل مازن من السيارة 
هيا انزل سأقود أنا
مدحت 
لقد أوصاني والدك أن أقود أنا 
ربما يحدث لك شد عضلي أثناء القيادة كما حدث منذ قليل 
مازن 
لا تقلق لم يحدث لي أبدا وأنا أقود 
ينزل مدحت ويركب مازن خلف المقود بينما يركب مدحت بجواره ولكنه يقود بسرعة كبيرة 
مدحت
لو سمحت هدئ السرعة فالشارع مزدحم
مازن
لقد أشتقت للحر*ية فأنا كنت محت*جزا منذ شهر في ذلك المصح وأريد أن أتنفس الهواء الطلق
 
وفجأة تقع الساعة من يد مازن في الدواسة 
مدحت الساعه سقطت منك
مازن
هاتها فهي هدية أمي  لي في عيد ميلادي وقد تقت*لني لو ضاعت مني
ثم يميل مدحت ويأخذها من الدواسة
أنها فعلا تحفة فنية 
مازن
نعم هي من النوع الغالي فأمي تحب الأشياء الثمينة لذا أهدتها لي اليوم بدلا من ساعتي المكسورة جربها على يدك حتى أري شكلها عليك
يلبس مدحت الساعة وينظر اليها
واو إنها جميلة جداً ثم يشعر بأن السيارة تحتك بشدة بالاسف*لت بسبب مطب صناعي
مدحت 
لو سمحت مازن أخفض السرعة قليلاً 
أو أتركني لأقود أنا 
مازن 
لا استطيع 
فلقد حدث لي شد عضلي ولا أستطيع رفع قدمي من على دواسة البنزين
مدحت سأنزل للدواسة وأحاول أن ارفعها لك بالتدريج
مازن 
حسنا حاول ولكن بسرعة فهناك سيارة تتجه نحونا
وبينما ينزل مدحت في الدواسة ليحرك قدم مازن 
تصطدم سيارة مازن بالسيارة الأخرى وتنقلب السيارة عدة مرات ويتجمع المارة 
حول السيارة
هناك شابين في السيارة اخرجوهم بسرعة قبل أن تنف*جر 
يخرج المارة الشابين وينقلوهم بعيداً عن السيارة التي انفجر*ت بالفعل بعد دقائق قليلة 
أحد المارة
ابتعدو عن المصابين أنا طبيب
ثم يكشف عليهم ثم يقول للأسف أحد الشابين قد توفي


تعليقات